شيء غريب…
لقد مرت الأيام سريعاً, وها نحن على أعتاب عام جديد, لقد كنت يا عزيزي طيب القلب, حسن السلوك طوال هذا العام, من أجل ذلك, والداك فخوران بك أيما فخر, وأنا أيضاً سعيد بك إلى أقصى حد.
عندي خبر سار ستكون أول من يعلم به, هل تصدق يا عزيزي أن الأقزام نجحوا هذا العام في تنفيذ مشروع جديد من نوعه, لقد تمكن الأبالسة من صناعة دمى تشبه الأطفال تماماً, فهي تبكي, وتضحك وتحبوا تجاه أي شخص يدنو منها, هم الآن يبذلون قصارى جهدهم لتجهيزها قبل عيد الميلاد, زينوها وقاموا برصها فوق الرفوف بطريقة مرتبة وذلك حتى أتمكن من وضعها بسهولة في حقيبتي التي أحملها دائماً فوق ظهري.
عزيزي…لن تصدق ما حدث!, ذات مساء ذهبت لأقدم أكواب الشوكولاته للأقزام, فمشروب الشوكولاته الساخنة كما تعرف هو مشروبهم المفضل, وأثناء مروري من أمام الرفوف حدث شيء عجيب, بمجرد أن رأتني الدمى أمامها شرعت كلها في التهليل والحبو تجاهي طمعاً في الحصول على أكواب الشوكولاته, وقد أحدث ذلك فوضى عارمة حتى أنه تسبب في سقوط بعض الأكواب على الأرض, لكن الأقزام تداركوا الأمر وقاموا بتهدئة الدمى وأقنعوها بالعودة مرة أخرى إلى الرفوف وبالفعل بعد محاولات مضنية معهم اقتنعوا وعادوا إلى رفوفهم سالمين, وفي النهاية وبعد أن عم السلام كل أرجاء البيت, جلس الأقزام أمام المدفئة يتسامرون مع بعضهم البعض وهم يحتسون مشروبهم المعتبر والذي لا يقارعه مشروب.
أخيراً يا عزيزي … أرجو أن تحافظ على سلوك الطيب الذي تميزت به هذا العام وأعدك أني سأزورك في عشية عيد الميلاد لكنك لن تراني كالعادة لأني كما تعرف أجئ في وقت متأخر من الليل, وأنت ككل الشطار تنام مبكراً, لذا لن أجرؤ على إيقاظك فأنا لا أحب أن أقلقك, لكن لا تحزن سأترك بجوارك ألعاب جميلة ومفاجآت أخرى كثيرة, فحتى ذلك اليوم … إلى اللقاء
عزيزي القارئ
لا تتعجب فالكلام المذكور أعلاه ليس موجه إليك, ما سبق كان ترجمة بتصرف لخطاب من الخطابات الموجودة على الموقع الالكتروني لشركة ” سانتاميل“.
فيا ترى ما هي شركة سانتاميل هذه؟ وما هي قصة الخطابات الموجودة على موقعها الإلكتروني؟
في عام 2001, ما أنفك شخص أمريكي يدعى” بايرن رييز” يبحث عن فكرة مشروع تجاري ليحسن من دخله, لكن كانت أمامه معضلة كبيرة, والحق أقول لم تكن معضلة واحدة بل عدة معضلات, المعضلة الأولى أن رييز لم يكن لديه رأس مال يبدأ به المشروع, والثانية أنه لا يجيد أي حرفة أو مهارة تجارية, والثالثه أنه لا يعرف أحد يساعده في أنشاء المشروع, فماذا يفعل؟!
جلس المدعو رييز يفكر بمفرده, حاول أن يضع يده على ما لديه من إمكانيات, وبعد تفكير عميق وعناء طويل وجد أنه لا يملك إلا شيئين وحيدين والحمد لله على ما أعطى, الشيء الأول هو العقل أما الثاني فهو الإصرار. وبالفعل أعتمد “رييز” على هاتين القوتين,والحقيقة أنهما لم تخزلاه فلم ينتهي العام حتى أسس “بايرن رييز” شركته والتي أطلق عليها أسم “سانتاميل”, فما نشاط هذه الشركة يا ترى؟
هذه الشركة تقوم على فكرة بسيطة جداً, وهي ارسال خطابات للأطفال في أيام عيد الميلاد, يقوم ولي الأمر بالدخول على الموقع الالكتروني للشركة ويختار واحد من الخطابات الجاهزة ومن ثم يدفع عشرة دولارات ثمن الخطاب الواحد, وبعد ذلك تقوم الشركة بتجهيز الخطاب وطبعاته على ورق فاخر من الكتان, ومن ثم تقوم بإرساله إلى طفله عبر البريد قبل عيد الميلاد بأيام قليلة, هذا الخطاب يرسل إلى الطفل على أنه خطاب موجه له من “سانتا كلوز” شخصية عيد الميلاد الخيالية, ولإضفاء مزيد من المصداقية فأن الشركة تقوم بتذييل الخطاب بتوقيع وختم يحملان اسم سانتا كلوز, هذا بالإضافة إلى الرسومات والأشكال المبهجة التي يتزين بها الظرف الذي يحوي الخطاب, من هنا نعرف سر إطلاق اسم سانتاميل على الشركة, فالمقطع الأول سانتا اختصار لاسم سانتا كلوز والمقطع الثاني “ميل” يشير إلى كلمة رسالة بالإنجليزية Mail)), أي رسالة سانتاكلوز.
قد تظن عزيز القارئ -وبعض الظن إثم- أن الفكرة التي قامت عليها هذه الشركة فكرة تافهة صدرت من شخص أبله, لكنك ستغير رأيك في الحال حينما تعرف أن هذه الفكرة التافهة حققت لصاحبها ثلاثة ملايين من الدولارات نظير بيع أكثر من (300000) خطاب حتى يومنا هذا. ثلاثة ملايين خلال عشرة سنوات إنجاز كبير لو علمنا أن الشركة أسست برأس مال يعادل ثمن مدونة وردبرس متواضعة الحال.
هل تريد أن تصبح مليونيراً كصاحب شركة سانتاميل؟
لكي تكون مليونيراً يجب أن تسحق أن تكون مليونيراً, ولكي تستحق أن تكون مليونيراً يجب أن تفكر, فالفكرة ثروة, والعقل البشري قوة مهولة إذا تم استخدامها بالشكل الصحيح, فشركة كاسانتاميل غطت جزء أدبي ومعنوي وديني يحتاج إليه شريحة عريضة من المجتمع الأمريكي, فخطاب كهذه له مفعول السحر في تربية الأبناء ويختصر 100 مليون ميجا بايت من التوبيخ والتأنيب واللكمات التي يعاني منها أطفالنا ليل مساء, فخطاب سانتاميل هذا يحقق ما يلي:
- يشعر الطفل بقيمته ويكسبه الثقة, ولما لا وهناك شخص بقيمة سانتا كلوز يخصه برسالة دون غيره.
- يربط الطفل بدينه فها هو القديس الذائع الصيت يحبه ويرسل له الخطابات والهدايا
- يشجع الطفل على ممارسة السلوك القويم, فالخطاب دائماً ما يشجع الطفل على طاعته لوالديه وسلوكه الطيب طوال العام.
- يعزز ملكة التخيل والإبداع لدى الطفل فكل خطاب من الخطابات يحتوي على قصة من قصص الأقزام وما يقومون به من أعمال خارقة لا يصدقها عقل.
- يدخل السعادة والبهجة على قلوب الأطفال وهذه النقطة تكفي
بعد قراءتك لأهداف هذا الخطاب, أسالك عزيزي القارئ سؤال بسيط جداً, هل يستحق (رييز) مؤسس شركة سانتا ميل أن يكون مليونيراً؟ هل قدم شيئاً ذا قيمة؟ هل قدم شيئاً جديد من نوعه؟ ما هي السلعة التي يبيعها؟ هل يبيع الخطابات؟ أم يبيع السعادة؟
لكي تنجح سواء على الإنترنت أو خارجه يجب أن تقدم شيئاً ذا قيمة, شيئاً جديد لم يسبقك إليه أحد, لا تتخيل أبداً ولا يقنعك أحد أنك ستحقق ثروة طائلة من الإنترنت “بركاوي” أو عن طريق تطبيق قواعد الهميونية و الفهلوة, فمشروع النت مثله مثل أي مشروع تجاري, يحتاج إلى تفكير وتخطيط ومبادرة وإصرار لأن الإنترنت سوق ككل الأسواق به بائع ومشتري ومنافسة وسلعة.
أين فكرتك؟ أين مشروعك؟
حينما يسمع أي أحد منا كلمة مشروع تجاري, يتبادر إلى ذهنه في الحال أن عليه إنشاء مصنع من مصانع الحديد والصلب, أو مستشفى تخصصي متعدد الطوابق, أو حتى مول تجاري يحتاج إلى أجولة من الدولارات لإنشائه, لا ندرك أن هناك مشاريع تجارية كثيرة قامت على أفكار بسيطة للغاية وعائدها أعلى بكثير من المشاريع الكبرى, فشركة مثل سانتاميل التي نحن بصدد الحديث عنها الآن, بدأت بفكرة بسيطة و برأس مال متواضع جداً, لكن هذه الفكرة تستحق الملايين مثلها في ذلك مثل أفكار أنجبت فيس بوك أو تويتر. تستحق الملايين لأنها فريدة, وسبب تفردها يعود إلى أن شخص ما من فصيلتنا الآدمية جلس بمفرده يفكر, فحدد لتفكيره نقاط ينطلق منها, فهو يريد:
إنشاء مشروع تجاري يحقق ربح وفير
لا يحتاج إلى رأس مال كبير
سهل وسريع الإنجاز
يقدم خدمة جديدة للناس
لاحظ أن كل هذه النقاط تتطابق مع ظروفنا جميعاً, فنحن نريد إنشاء مشاريع لا تكلف كثيراً, نريد مشاريع ننجزها بسرعة, نريد مشاريع لها قيمة أخلاقية, لكن كيف يتحقق ذلك؟ الإجابة ببساطة أن هذا يمكن تحقيقه حينما نعثر على فكرة جيدة, فكرة نستطيع أن نطلق عليها اكتشاف أو اختراع, عزيزي القارئ, صوت صارخ في البرية يقول لك فتش عن هذه الفكرة بلا ملل, فتش عنها في كل مكان, فمن يدري فقد ترشدك إليها جملة بين دفتي كتاب, أو كلمة تتردد على أفواه الناس, أو ذكرى مضت إن كنت من الذين يهوون الغوص في الذكريات.
قد يحدث و تفكر لشهور ولا تعثر على أي فكرة, قد تتعب بلا نتيجة ظاهرة, لكن لا تقلق, ثمار التفكير حتمية, وخيراته لا تنتهي, معظم العباقرة والعلماء ورجال الأعمال بذلوا وقت طويل في سبيل الحصول على فكرة فريدة, وبعدما تعبوا ويأسوا وكفوا عن التفكير, أتاهم الإلهام من حيث لا يدرون, هذا الإلهام لم يأتيهم بالمصادفة أو عن طريق ضرب الودع, وإنما أتاهم نتيجة التفكير الذي بذلوه من قبل, لكنه جاء بأثر رجعي. أبذل مع عليك من جهد, أسئل الله التوفيق واجتهد في الدعاء, وسترى ما يحدث!
دعوة للتعاون
ما قد تصل إليه وحدك في سنة قد تصل إليه في نصف إذا استعنت بصديق لك تثق به, وقد تحققه في ربع سنة إذا استعنت بصديقين, وقد تحققه في شهر إذا استعنت بثلاث, وقد تحققه الآن إذا استعنت بأكثر من ذلك, فهيا اتصل بأصدقائك ممن تثق بهم وبأخلاقهم وبقدراتهم, ادعوهم للبحث عن فكرة مشروع الكتروني مربح وسهل الإنجاز, تبادلوا الأفكار فيما بينكم, تعرفوا على وجهات نظر بعضكم البعض, مارسوا العصف الذهني سوياً, ستصلون إلى حل لا محالة, وستنجحون لا مناص. إن رفض أصدقائك مشاركتك المشروع فيكفي أن يشاركوك تقييم الفكرة, ففي أحياناً كثيرة لا يكون بمقدورنا أن نقنع أحد بأن يشاركنا المجهول, لكن سهلاً أذا طلبنا منه أن يشاركنا الافكار.
سأكون أولكم, فأنا أدعوكم جميعاً من الآن للبحث عن فكرة مشروع الكتروني يدر دخلاً جيداً بتكلفة أقل في الإنشاء, فانا أثق بكم جميعاً وأثق بقدراتكم الهائلة ومواهبكم الدفينة, هيا! أنا الآن مستعد لاستقبال أفكاركم الفريدة, والفكرة التي سيقع عليها الاختيار سأمولها بنفسي وسنكون شركاء أنا وصاحبها, أنا برأس المال وهو بالفكرة. لكن بشروط:
1- يجب أن تكون الفكرة فريدة من نوعها
2- يجب أن تكون الفكرة بسيطة ومباشرة
3- – توفر خدمة جديدة للناس (قد تكون هذه الخدمة أخلاقية أو أدبية أو مادية)
4- – الموقع يكون باللغتين (اللعربية والانجليزية)
يمكنك إرسال تعليق به إيميلك لنتواصل وتشرح لي فكرتك, أو لضمان السرية يمكنك مراسلتي عبر صفحة أتصل بي الموجودة في أعلى هذه الصفحة. (هذا العرض ينتهي عند التوصل إلى الفكرة المفقودة)
وفي الختام أنقل لكي عزيزي القارئ رسالة من سانتا كلوز موجهة لك شخصياً, يقول فيها:
” الأقزام عاكفون الآن على تنفيذ مشروع جديد للعام القادم”
فماذا تفعل انت الآن؟!!!